والديّ الحبيبين:
أكتبُ إليكما من غُرفَتي في بيت الطّلبةِ في لندنَ . لقد وصلْتُ يومَ أمسِ وقد فاضتِ النّفسُ شَوْقًا للعائلةِ .كم أفتقدُكُما هُنا ؛ فالغرفةُ ضاقتْ جُدرانُها عليَّ فهي لا تُشبِهُ مهدَ طفولتي ولا يعصف في أذني إلا صوتُ الفراغِ فأنا أسكُنُها وحدي بِسريرٍ قاسٍ مع كرسيَ وخَزانةُ ألبستي خاليةٌ من دفء لمساتكِ أيّتها الحنونُ .
تسألانِ عن أحْوالي لقدْ منَعني البردُ والضَبابُ والغيومُ من رؤيةِ أثرِ الشّمسِ فلم أتعرفْ بعدُ على المدينةِ ولا زال لديّ متسعًا من الوقتِ للتعرف على حضارتها ، لكنّني إلتقيتُ ببعض السّاكنين في بيت الطّلبة ، أملُ أن أبنيَ معهم صداقاتٍ وفيةٍ .
أشعرُ بوحدةٍ كبيرةٍ في غيابكما ، والبعدُ عنكُما عبءٌ كبيرٌ لقد قطعتُ عهدًا أن أجدَّ كثيرًا في الدّرسِ ولنْ أهدِرَ وقتيَ الثّمينَ باللّهو بلْ سأستثمر كلّ دقيقة منه في إجراء الأبحاث لأحصلَ على أعلى تقديرٍ فأستحقّ تعبكما وتفخران بي .
أنتظرُ اللّحظةَ التي سأرجعُ فيها إلى الوطنِ وألقي في حضنكما رأسي . اشتاق إليكما فادعوا لي أن تهدأ نَفسي .