جَلَسَ رامي في الصَّفّ شارِدًا ، فسَأَلَتْهُ المُعَلّمةُ :
– ما بالُك يا رامي ؟
– رَدَّ رامي : أَتَمَنّى لَوْ تَخْتَفي الحَشَراتُ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ . البارِحَةَ لَمْ أَسْتَطِعِ النَّوْمَ لأَنَّ البَعوضَ ظَلَّ يُزْعِجُني بِطَنينِهِ والنّحل ، ألا تعرفين النّحل ؟ إنّهُ يَحومُ حَوْلَنا وَقْتَ الطَّعامِ وَأَنا أَخاف مِنْ لَسْعِهِ ، والدّودُ يَأْكلُ أَوْراقَ الأَشْجارِ والنَّباتاتِ الخَضْراءَ .
ابتَسَمتِ المعلّمةُ وَرَّدَتْ قائِلَةً : ألا تَعْتَقِدُ أنَّ لِلحَشَراتِ مَنافعٌ كَثيرَةٌ وَلَوْ اخْتَفَتْ سَيَفْتَقِدُها الكَثيرَ مِنَ النَّاسِ ؟ فالنَّحلَةُ الّتي تَخافُ مِنْها تَمْتَصُ رَحيقَ الأَزْهار ولَوْلاها لَما أَكَلْنا العَسَلَ المُغَذّي ، والحَشَراتُ الّتي تَطيرُ من زَهْرَةٍ إلى زَهْرَةٍ تُساعِدُ على تَلْقيحِ النَّباتاتِ ، حَتَّى الدّودةُ يا رامي تُساعِدُ على قَلْبِ التُرْبَّة وتَهْوِئَتِها .
هَزَّ رامي رَأْسَهُ وَقالَ : حَسَنًا سَوْفَ أَحْمي نَفْسي بِناموسِيَةٍ أَوْ أَقْراصٍ تَمْنَعُ البعوضَ مِنَ الاقْتِرابِ مِنّي .