أقطنُ في حيّ يمتدُّ على مساحةِ واحدِ كيلو مترِ مربعٍ .البيوتُ في حيّنا واحدةٌ ؛ إنّها بيوتٌ جميلةٌ بسيطةٌ تشمُّ النّسيمَ من نوافذَ مُشَرّعةٍ للشّمسِ والهواءِ تمتدُ أمامها حدائقُ صغيرةٌ أعتنت بها سيّداتُ الحيّ . عدا منزلًا واحدًا أبى أن تدبَّ فيه الحياةُ وظَلَّ لغزًا لنا نحن أبناءُ الحيّ الصّغارُ.
المنزلُ كان بناءً قبيحًا بحجارةٍ سوداء بفعلِ الدّخانِ والأوساخ . نافذتاه الحزينتانِ الضَّيّقتانِ بدّتا غيرَ راغبتين في الانفتاحِ على الشّمسِ الرّبيعيّة ، وفوقَهما ترتفعُ مدخنةٌ صغيرةٌ منحرفةٌ . بابُ المدخلِ يفتقر إلى ضرباتِ فرشاةِ الدّهانِ ، وفي وسطهِ تمامًا حفرتْ عينٌ قبيحةٌ .
بدا البيتُ لنا شبيهًا بسنّ قديمةٍ نَخِرةٍ. كثيرًا ما ردّدنا : ’’ يا لهذا الكوخِ الكريهِ من يرغبُ في العيشِ داخلهِ ؟!‘‘